حيث تشير البوصلة

7,00 

Only 2 left in stock

ترصد القصص جوانب إنسانية في سوريا المنذورة للموت، عبر شخصيّات شعبية غالبًا، وكذلك عبر استحضار أصوات الأشياء والجمادات. وكما قطّبت روز، بطلة القصة الأولى “صور مقطّبة”، الصور التي مزّقتها نيران المدافع والاشتباكات، بخيوطٍ نسلتها من ثوبها، ثوبِ الأم المكلومة؛ تحوك سناء عون قصصها بإبرة مشابهة هي إبرة الفقدان والخوف، فقدان المكان والزمان، والخوف منهما أيضًا، بعدما صارا لحظة وحشية لا تنتهي.
يأتي عنوان المجموعة “حيث تشير البوصلة” ليلعب لعبةً تقلب الحقائق، فإذا كانت عادة البوصلات أن تشير رؤوس إِبرها إلى الشمال، فالأمر كذلك فيما يتعلّق بمكان كتابة القصص، لكنّه مختلفٌ تمامًا إذا ما نظرنا إلى المكان الذي تحكي عنه، والذي لا تشير إليه سوى بوصلة القلب. بهذا المعنى؛ الكتابةُ بوصلةٌ معكوسة، أو توجيهٌ واعٍ لحركة رأسها.
تستحوذ النساء على فضاء النصوص: روز، دلال، نساء الحارات، سارة… إلخ. إنهنّ سوريات بامتياز، مدموغات بمياسم الفجيعة والغياب، عاشقات وثكالى ومهجورات ووحيدات. النساءُ هنا صوتُ أمومةِ المكانِ السرية.
من جانب آخر، تأخذ الأشياء مساحة واسعة من الحيّز السردي، إلى درجة أنها تتحوّل إلى شخصيات مكتملة. الأشياء التي تقدمها هي: فستان أحمر يتسخ في خيال صاحبته لأنه لم يُلْبَس، فلا مكان لبهجة الفساتين وأناقة الجميلات. درّاجةٌ تتناقصُ قطعةً قطعةً كلّ يوم. كتاب يقطع رحلة اللجوء. كرة قدم تشرح وجهات نظرها في الحياة، وتسعى إلى تقرير مصيرها.

“حيث تشير البوصلة” مجموعة قصصية للكاتبة السورية سناء عون صدرت في 104 صفحات من القطع الوسط، ضمن مجموعة “براءات” التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.

من الكتاب:
كانت روز تخلق كائناتها الجديدة، الذّين لم يكونوا نساء ورجالا وأطفالا، بل كانوا كلّ ذلك معًا. كان الكائن منهم ممتزجًا بالأنوثة والذكورة في آن. كانوا أطفالًا بأجساد رجال، ورجالًا بأجساد أطفال. كانوا نساءً برؤوس رجال، ورجالًا برؤوس نساء. وجه رجل بفم امرأة. قوام امرأة بجذع رجل. رأس طفل بذراعي رجل. لم تكن روز تهتم للتباينات تلك، كل ما كان يعنيها هو أن تسفر عمليّاتها الجراحية عن أجساد كاملة

Description

ترصد القصص جوانب إنسانية في سوريا المنذورة للموت، عبر شخصيّات شعبية غالبًا، وكذلك عبر استحضار أصوات الأشياء والجمادات. وكما قطّبت روز، بطلة القصة الأولى “صور مقطّبة”، الصور التي مزّقتها نيران المدافع والاشتباكات، بخيوطٍ نسلتها من ثوبها، ثوبِ الأم المكلومة؛ تحوك سناء عون قصصها بإبرة مشابهة هي إبرة الفقدان والخوف، فقدان المكان والزمان، والخوف منهما أيضًا، بعدما صارا لحظة وحشية لا تنتهي.
يأتي عنوان المجموعة “حيث تشير البوصلة” ليلعب لعبةً تقلب الحقائق، فإذا كانت عادة البوصلات أن تشير رؤوس إِبرها إلى الشمال، فالأمر كذلك فيما يتعلّق بمكان كتابة القصص، لكنّه مختلفٌ تمامًا إذا ما نظرنا إلى المكان الذي تحكي عنه، والذي لا تشير إليه سوى بوصلة القلب. بهذا المعنى؛ الكتابةُ بوصلةٌ معكوسة، أو توجيهٌ واعٍ لحركة رأسها.
تستحوذ النساء على فضاء النصوص: روز، دلال، نساء الحارات، سارة… إلخ. إنهنّ سوريات بامتياز، مدموغات بمياسم الفجيعة والغياب، عاشقات وثكالى ومهجورات ووحيدات. النساءُ هنا صوتُ أمومةِ المكانِ السرية.
من جانب آخر، تأخذ الأشياء مساحة واسعة من الحيّز السردي، إلى درجة أنها تتحوّل إلى شخصيات مكتملة. الأشياء التي تقدمها هي: فستان أحمر يتسخ في خيال صاحبته لأنه لم يُلْبَس، فلا مكان لبهجة الفساتين وأناقة الجميلات. درّاجةٌ تتناقصُ قطعةً قطعةً كلّ يوم. كتاب يقطع رحلة اللجوء. كرة قدم تشرح وجهات نظرها في الحياة، وتسعى إلى تقرير مصيرها.

“حيث تشير البوصلة” مجموعة قصصية للكاتبة السورية سناء عون صدرت في 104 صفحات من القطع الوسط، ضمن مجموعة “براءات” التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.

من الكتاب:
كانت روز تخلق كائناتها الجديدة، الذّين لم يكونوا نساء ورجالا وأطفالا، بل كانوا كلّ ذلك معًا. كان الكائن منهم ممتزجًا بالأنوثة والذكورة في آن. كانوا أطفالًا بأجساد رجال، ورجالًا بأجساد أطفال. كانوا نساءً برؤوس رجال، ورجالًا برؤوس نساء. وجه رجل بفم امرأة. قوام امرأة بجذع رجل. رأس طفل بذراعي رجل. لم تكن روز تهتم للتباينات تلك، كل ما كان يعنيها هو أن تسفر عمليّاتها الجراحية عن أجساد كاملة