الإمبراطوريات أكبر من كونها دولاً كبرى، وهي تتحرك داخل عالم خاص بها، أما الدول فمشمولة بمنظومة صاغتها مع غيرها من الدول، ومن ثَّم فهي لا تملك التحكم فيها بمفردها. الإمبراطوريات عى العكس من ذلك، تفهم نفسها بوصفها صانعة وضامنة لنظام لن يستقيم بدونها، ويجب عليها أن تدافع عنه ضد اندلاع الفوضى التي تمثل تهديدًا مستمرًّا له. ونظرة فاحصة للتاريخ، ليس تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، وإنما تاريخ الإمبراطوريات الأخرى أيضًا، ترينا
أن استخدام تعبرات لغوية من قبيل “محور الشر ” أو “المواقع الأمامية للطغيان” ليست جديدة أو متميزة، بل إنها تخترق تاريخ الإمبراطوريات مثل خيط أحمر متصل.
يـدور هـذا الكتـاب إذا حول أنماط السـيادة الإمبراطورية، وأشـكال التوسـع والإسـتقرار، وحــول الوســائط العالميــة التــي تنجــز فيهــا وبواســطتها الإمرباطوريــة. ولــن يقتـصـر الإهتـمام المعـرفي هنـا عـى التفرقـة بـين الإمبرباطوريـات البحريـة والبريـة، والإمرباطوريات التجاريـة والعسـكرية، بـين الأنظمـة الإمرباطوريـة التـي تتطـور عـن التحكـم في المناطـق وتلـك التـي تقـوم في الأسـاس علـى التحكـم في تدفقـات(البشـر، السـلع، رأس المـال)، بـل سـيتجاوز ذلـك كلـه إلى عقلانيـة القـوى، وإلى منطـق السـيادة الكونيـة.