دفاتر الوراق

22,40 

متوفر في المخزون

ها أنتم الأن تقرأون ورقتي هذه، بينما جسدي قد ابتلعه البحر حيث السكينة الأبديّة، أنا منحازةٌ لأسماك ‏الأعماق عند إنكسار الضوء وإرتطامه بالرمال الطريّة.‏ ‎
‎لا أحبّ ديدان الأرض حيث الظلمة والرطوبة تهب وجعاً إضافيّاً للموت، لهذا منحت جسدي للماء سرّ ‏الإنصات الأبديّ، والحضن الّذي لا تغلق ذراعاه، لم أكتب وصيّتي، فليس هناك من وصايا للّذين خذلوا في ‏حياتهم سوى أن يتمنّوا أن يبادر أحدٌ ليدوزن الوتر النشاز، وليس لي وصايا لأقولها، فأنا محض ريشة دوريّ ‏علقت في هواء لم يسكن ولو لحظةٌ واحدة.‏ ‎
‎ حينها كان يمكنني أن أحط على شجرة وأشاهد كيف تنضج حبّة كمَثرى على صدر أمّها، أو أحط على كتف ‏رجل ذاهب للقاء امرأةٍ قطع عهداً على قلبه أن يحبّها كما يحبّ الطائر جناحيه بينما يخفق ماراً فوق شارع ‏يكابد عابروه الزحام.‏ ‎
‎ أنا محض امرأةٍ خُذلَت في حياتها وجاءت إلى تفكر بالإعتزال كما يعتزل عازف شهير في أوج نبوغه لخلل ‏يستشعره قادماً لا محالة، لا وصايا لي سوى هذه الكلمات فأحرقوا هذه الورقة وانثروها هنا لعلّها تصير شاهدةً ‏جوّالةً تشير إِليّ.‏ ‎
‎ ‏”جلال برجس” روائيّ أردنيّ، حصلت روايته (أفاعي النار / حكاية العاشق عليّ بن محمود القصاد) على ‏جائزة كتارا للرواية العربيّة، 2015؛ وحصلت روايته (مقصلة الحالم) على جائزة رفقة دودين للإبداع ‏السرديّ، 2014؛ وحصلت مجموعته القصصيّة (الزلزال) على جائزة روكس بن زائد العزيزي، 2012؛ ‏ووصلت روايته (سيّدات الحواسّ الخمس) إلى القائمة الطويلة للجائزة العالميّة للرواية العربيّة (بوكر)، ‏‏2019.‏

الوصف

ها أنتم الأن تقرأون ورقتي هذه، بينما جسدي قد ابتلعه البحر حيث السكينة الأبديّة، أنا منحازةٌ لأسماك ‏الأعماق عند إنكسار الضوء وإرتطامه بالرمال الطريّة.‏ ‎
‎لا أحبّ ديدان الأرض حيث الظلمة والرطوبة تهب وجعاً إضافيّاً للموت، لهذا منحت جسدي للماء سرّ ‏الإنصات الأبديّ، والحضن الّذي لا تغلق ذراعاه، لم أكتب وصيّتي، فليس هناك من وصايا للّذين خذلوا في ‏حياتهم سوى أن يتمنّوا أن يبادر أحدٌ ليدوزن الوتر النشاز، وليس لي وصايا لأقولها، فأنا محض ريشة دوريّ ‏علقت في هواء لم يسكن ولو لحظةٌ واحدة.‏ ‎
‎ حينها كان يمكنني أن أحط على شجرة وأشاهد كيف تنضج حبّة كمَثرى على صدر أمّها، أو أحط على كتف ‏رجل ذاهب للقاء امرأةٍ قطع عهداً على قلبه أن يحبّها كما يحبّ الطائر جناحيه بينما يخفق ماراً فوق شارع ‏يكابد عابروه الزحام.‏ ‎
‎ أنا محض امرأةٍ خُذلَت في حياتها وجاءت إلى تفكر بالإعتزال كما يعتزل عازف شهير في أوج نبوغه لخلل ‏يستشعره قادماً لا محالة، لا وصايا لي سوى هذه الكلمات فأحرقوا هذه الورقة وانثروها هنا لعلّها تصير شاهدةً ‏جوّالةً تشير إِليّ.‏ ‎
‎ ‏”جلال برجس” روائيّ أردنيّ، حصلت روايته (أفاعي النار / حكاية العاشق عليّ بن محمود القصاد) على ‏جائزة كتارا للرواية العربيّة، 2015؛ وحصلت روايته (مقصلة الحالم) على جائزة رفقة دودين للإبداع ‏السرديّ، 2014؛ وحصلت مجموعته القصصيّة (الزلزال) على جائزة روكس بن زائد العزيزي، 2012؛ ‏ووصلت روايته (سيّدات الحواسّ الخمس) إلى القائمة الطويلة للجائزة العالميّة للرواية العربيّة (بوكر)، ‏‏2019.‏