الوصف
في لغته الخاصة به المعتمدة على السرد المكثف وجمل الحوار القصيرة المقتضبة، وعالمه المفضل المنتمي إلى الريف المصري المحتجز خلف التناول السطحي للكثير من الأعمال الأدبية، يقدم لنا عادل عصمت حكايته الجديدة.عبر وصايا عشر، تبدأ بالخلاص عن طريق تحمل المشقة، ولا تتوقف عند فضيلة التخلي، يسرد الجد سليم حكايته لحفيده “الساقط” كما يسميه، الذي اعوجت حياته واختلّت كما اعوج الزمن، الذي شهد صعود دار سليم من رماد الانهيار ثم ازدهارها ثم هدمها وتشتت سكانها في أرجاء العالم الفسيح، لتتلاشى إلى الأبد.يواصل عادل عصمت تأمله في ما يكمن خلف الزمن، ذلك الذي يمكن اعتباره خطًا أساسيًا لكتابته بوجه عام، أطوار البشر وفصولهم الأربعة، إشراقهم وكفاحهم وضعفهم وذبولهم، الأماكن التي نبنيها لتكون ذاكرةً فتنسانا أو ننساها بعد حين، المشاعر التي تولد بداخلنا ثم تحملنا إلى وجهة أخرى غير التي كنا نتجه إليها أو تتبدد وتتركنا في العراء أشخاصًا يرون أنفسهم للمرة الأولى.وعبر الزمن تسير الحكاية في خطوط متوازية، نرى منها خط رواية الأحداث من الجد الذاهب إلى الموت حيث الزمن الذي ودعه والأشخاص الذين شهدهم وشهدوه، كما نرى خط الحكاية نفسها، كما يرويها الجد بطريقة الفلاش باك. وتحت هذا الخط نلمح خطوطا أخرى خفية، تسير داخل الأشخاص لتكمل الحكايات الصغيرة التي لم تكتمل، لكنهم يصرون على إكمالها، فنرى الشيخ وهو يغالب قصة حبه -الشديدة الخصوصية والمفرطة في العمق- لزوجة صديقه الأقرب، لتتحول بداخله إلى نوع آخر من المشاعر أكثر صلابة ودفئا من أي شيء قد صادفه، كما نرى زوجة علي سليم وهي تتمسك بموقعها في الدار رغم وفاة زوجها صاحب النفوذ الأكبر في الدار والأرض، ورغم مرور الزمن وتعلم الأولاد في الجامعة لتصبح مواهبها الحسابية المبهرة بسيطة وساذجة لا تؤهلها للاحتفاظ بموقعها القديم ذي السطوة، ونرى خديجة وهي تتحسس الجدران تخاطب “من لا اسم لهم” الذين يهددونها بهدم البيت وفقدان العائلة، الأمر الذي جعل أهل الدار يعاملونها بمزيج من السخرية والشفقة قبل أن يدور الزمن ويتساءلون إن كانت قد رأت كل هذا سابقا بعين البصيرة.