عبد الرحمن ليس شاعرًا بديعًا فقط، إنه نحَّات، وفي النحت قلّة وتعذّر في الكلام، إلا من ذاك الذي يعينه على السفر في الزمن والجغرافيا التي أسقط منها كل القوانين والمنطق.
في هذا العمل ذي التضاريس المتماوجة بين الشعر والنثر والقصة، يكتب عبد الرحمن ما يشبه سيرة شعرية متقطعة ومتنقلة، ويضيف طبقات من أزمان وأمكنة جديدة، فوق تلك التي ستهوي أمامه، بكل هدوء، خلال سعيه بين الجميل والوحشي. لكنه لا يأبه بالخسارات التي ستتطاير في الطريق، ولا بالشظايا التي سيقشِّرها أثناء نحته لأصنام الوطن والمخيَّم والنفس. قد يعلّمنا شعره أن هذه الخسارات هي نحن. وأنها قدرنا الطبيعي إن قررنا المشي بلا استكانة. هذا الشاعر مشَّاء عظيم. سنشاهد من عينيه شخوصًا ستنهض من غيابها، جغرافيا ستنطق، أصواتًا ستُسمع بعد أن دُفنت تحت الأرض، وظُلمةً تُضيء.
في زمن الموت، الذي يقول الشاعر إنه لا يُفسَّر، بل يُرى. هل سننجو بشيء غير الشعر؟ سوف أعدكم بشيء؛ سينجو هذا الشاعر دائمًا، فالظلمة لا تنفذ إلى نصِّه المضيء، مهما بدا متبرِّمًا. إذن، فلنتبع الضوء، فلنتبع شعر عبد الرحمن.
أسماء عزايزة
شاعرة من فلسطين
عن المؤلف
شاعر وكاتب وفنان أدائي فلسطيني، من مواليد مخيم اليرموك، دمشق 1997.
صدر له بالعربية مجموعة شعرية بعنوان «٢٤» عن دار هُنّ في القاهرة 2022، وبالألمانية «طقوس العبور» عن دار Wallstein في غوتينغن 2024.
يقيم حاليًا في ألمانيا، حيث يدرس ويعمل في مجال المسرح والفنون الأدائية.