أنا أيضًا، أقف على مفترق طرق: بعد انهيار الآمال في عالم لا يكترث بنا، وسقوط سوريا في عَمَهٍ لا يزول، وفشلي في تنظيم حياتي المادية، والنفسية، والعائلية، والشخصية، وعقب سنين طويلة متخمة بالتنقلات القلقة، قررتُ أن أسافر إلى الجزيرة العليا، كي أتبع أسامة: ما الذي رآه في هذه الأراضي؟ هل ساعدته على فهم نفسه؟ هل نجح في حل الألغاز الكبرى، أم بقيت حياته تتبع الريح كورق الشجر؟ هل ساعدته الحصافة والعقل، اللذان طالما احتفى بهما؟ وهل بقيت الشجاعة فضيلته المفضَّلة؟ هل استعاض عن دمشق؟ هل سامح أهله على ما فعلوه به؟ هل سامح نفسه على ما حلَّ بهم؟ هل ربط الله على قلبه، بعد كل ما نزل به؟ هل قبل بالقدر، خيره وشره؟ أم بقيت المرارة تلوثه؟ هل ساعدته الكتابة؟ هل ألهمته العزلة؟
متنقلًا من حصن كيفا، مرورًا بميديات ونصيبين، حتى وصوله إلى بالو، يكتب عدي الزعبي عن رحلته في تركيا التي مضى فيها متتبعًا خطى الأمير أسامة بن منقذ. يتأمَّل عدي هنا مصيره وحياته، ويراوح بين ربطهما بما يراه، وربطهما بمصير وحياة أسامة، كما يطرح تساؤلات لا تنتهي عن كل ما حوله. فيا تُرى، هل يصل إلى إجابات؟
«الظلال المتنقِّلة» هو كتاب عدي الأول في أدب الرحلات، بعد عناوين عديدة من القصص القصيرة والمقالات.
