الوصف
بلغة شاعرية رائقة كتب شتيفان فايدنر هذه اليوميات التي لا تخلو من ميل إلى الطرافة، أيضًا. وإلى جانب سحر اللغة وهي تتقرب في طوافها سبعًا حول الجمال الشرقي، هناك تلك التأملات والاستعدادات في علاقة الحاضر الشرق بأيقونات وعلامات كبرى؛ ابن عربي الذي هام بالوجود من لحظة البرق، وكان مستقبليًّا وهو يترك للمح أن يخرج من كل جهة في العالم، بل في الكون، وأن يكون حنينه للبرق لا للجهات:
رأى البرْقَ شرقيًّا، فحنَّ إلى الشرْقِ/ولو لاحَ غربيًّا لحنَّ إلى الغربِ
كذلك هو حال فايدنر، فحنينه هو الآخر استجابة لكونيته التي ناداه إليها ابن عربي، أعظم المتصوفة عبر العصور. فهو شرقي وغربي معًا، وهو ذاهب إلى مراده بوجيب قلب اتسع حتى ضم الكون كله. لا يخفي فايدنر وهو يطوف في فاس المعاصرة شغفه بابن عربي الأندلسي الدمشقي، وبينما هو يغيب عن نفسه من شدة الهيام في المكان، نراه ينشد بصوت شاعره، فالنزهة المرهفة في فاس إن هي إلا سلم للصعود من مقام في الأرض إلى مقام في برزخ، هو معارج في حديقة كونية.
يوميات مكثفة وممتعة، بوابتها فاس، لكنها طواف في أكثر من مدينة مغربية، وهي رحلة في الثقافة والناس، وفي حاضر المكان وماضيه، استحقت ترجمتها إلى العربية جائزة ابن بطوطة للرحلة المترجمة.