منذ أن علمت فاطمة بأمر خطبتها من ذلك المأمور، شغلتها أسئلة حيّرتها:
– قل لي يا سالم، هل هو وسيم؟ أقصد هل هو أبيض وطويل القامة؟ هل هو شاب أم كهل؟ هل يملك قصرًا كبيرًا وخدمًا؟ قل لي ماذا تعرف عنه؟
كانت تمطره بالأسئلة، وتتحدث بلهفة. تشير بيدها في الهواء وتنظر إلى الأعلى بفرح، إلى نقطةٍ مرتفعةٍ في الفراغ، بطول قامةٍ افتراضية تخيلتها لخاطبها، وتضمّ فمها مثل طفلة.
نظر إليها بحنوّ:
– الرجال يتزوجون النساء لجمالهنّ يا فاطمة، لكن العكس ليس ضروريًّا.
قاطعت فاطمة حديثه وتساءلت بفزَع: – هل تقصد أنه ليس وسيمًا؟
– ليس تمامًا، الرجل مثله مثل معظم الرجال في البلد، لا هو بالوسيم ولا هو بالقبيح. لكنه مسؤول كبير في الحكومة، هل تعرفين معنى ذلك؟
نظرت إليه وقد أصابها إحباط، فتابع:
– معنى ذلك أن له منصبًا وهيبةً ومالًا ونفوذًا. وسامة الرجال تقاس بمثل هذه الأمور..
عادا إلى جلستهما، مسح السقا على وجهه ثم ابتسم في وجه الأستاذ ابتسامة ودودة..
– أرجو ألا يتبادر إلى ذهنك أننا نفعل ما نفعل من أجل أن نعيد الحياة إلى التاريخ، فتلك حماقة ولا شك. ولأكون صريحًا معك، لستُ أؤمن بالخرافة وإن كان أمر زواج فاطمة قد فتح أبوابًا كثيرة للخرافات عن الأضحية التي ستنقذ شعبًا. فعندما بدأنا هذا المسعى كانت فاطمة لم تولد بعد، ولكنها أثمرت ونضجت في وقت القطاف.
حامد الناظر كاتب من السودان مقيم بالدوحة، حازت روايته “فريج المُرر” على جائزة الشارقة للإبداع العربي وجائزة فودافون قطر في العام 2014.